Problématique de la violence dans le Coran - Partie 14
Page 1 sur 1
Problématique de la violence dans le Coran - Partie 14
كانت رحلتي إلى ألمانيا صخرية منهكة ولكنها ممتعة فألمانيا بلد لا يخلو من العنصرية ولكنها أرض حاملي جوائز نوبل، هي مستنقع الإباحية تمتد من فلينسبورغ حتى الغابة السوداء ولكنها صيدلية العالم، هي مكان ولادة فلسفة هيجل بقوانين الجدل الثلاثية وموطن الموسيقيين الكبار من نموذج بيتهوفن وموتزار.
حاولت أن أفهم ألمانيا من ملاحظاتي المكثفة وتمتين لغتي لشق الطريق للثقافة الجرمانية، وهي تتطلب استنفارا غير عادي في جو طبي جراحي أبعد ما يكون عن الثقافة في مناوبات مع العمليات طوال الليل فهي دماء حتى مطلع الفجر.
وهناك تألمت لأمرين الحرب الأهلية اللبنانية ثم حوادث العنف التي انفجرت عندنا في سوريا، وكنت أرى سحبها القاتمة عبر الأفق أنها قادمة لا يجليها لوقتها إلا هو؛ بسبب بسيط كما يقول عالم النفس السلوكي سكينر في كتابة (تكنولوجيا السلوك الإنساني) " الحروب هي برمجة في الرؤؤس قبل استخدام الفؤوس"...
عندما دخلت ألمانيا كنت قد وصلت لدرجة البللورة في مشكلة الثالوث المشؤوم ( التنظيم- السرية- العنف) وكنت قد وضحت هذا في كتاباتي عام 1973 ثم جاء كتابي في النقد الذاتي (ضرورة النقد الذاتي للحركات الإسلامية) احذر من وباء العنف.
ولكن كيف وصلت إلى هذه القناعة وعلى أي نحو تبلورت فهذه فكرة من المهم إلقاء الضوء عليها وأرجو أن يعتبر كلامي هذا نوع من (اللقاح) الواجب تعميمه وهو الذي قلته في محطة (اقرأ) الفضائية عندما طلب مني الإدلاء برأيي في مشكلة العنف الجزائري، في رسالة موجهة للمؤسسات الإسلامية مثل الأزهر وسواه، وإلى كل المفكرين والمربين والمعنيين بالعد الإسلامي والحركات الإسلامية، كما كتبت بحثاً هاماً في العنف الجزائري نشرته مجلة العربي العام 98 عدد أغسطس. وهذا الكلام أوجهه للمسؤولين في كل قطر عربي كي يدرك خطورة هذه القضية أن هناك فرق كبير بين ضبط الأوضاع (الأمنية) وبين حل المشكلة فالمريض الذي ترتفع حرارته بسبب جراثيم حمى التيفية قد تستطيع إنزال حرارته بالأسبرين ولكن المرض قد ينفجر بشكل اختلاط مروع لاحقا إما في صورة إنثقاب معوي أو ما هو أدهى وأمر بالتهاب العضلة القلبية؟!
أقول إن ثقافتنا ما زالت تعمل فيها جراثيم العنف بكل ضرورة وما لم ننزل إلى الحوض الثقافي لتغيير الخرائط الذهنية في معالجة المشاكل فإننا مقبلون على كوارث ؟؟ وأنني أرى وميض الجمر من كومة الرماد، والتاريخ يقص علينا ما فيه من مزدجر، ومأساة البلقان وأفغانستان والصومال والجزائر والعراق فيها من العظة ما يكفي لم كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
العنف يحمل حزمة من الأمراض اللعينة فهو أولاً لا يحل المشكلات بل يولدها ويزيدها تعقيداً في حلقة شيطانية مفرغة عكوسة تزداد اتساعاً وضراوة، والعنف لا يحرر الإنسان بل يأسره لعبودية القوة، والعنف ثالثاً يعتمد الجهاز العضلي ويلغي الجهاز العصبي العقلي، وبالعنف لا يمكن بناء أي ديمقراطية، والعنف وصل إلى نفق مسدود ويودعه العالم اليوم كأسلوب فاشل، اللاعنف هو أسلوب الأنبياء في صناعة المجتمع؛ فهذه ستة أفكار تأسيسية مفصلية.
ألقت الأجهزة الأمنية في يوم القبض على بدوي بتهمة اشتراكه بتنظيم سري فبدأ المحقق يسأله ما هو تنظيمك؟ من نظمت؟ ما هي أسماء خليتك الحزبية؟ فأجاب بعفوية: يا طويل العمر لا بالله نحن نبغي نزيحكم ونقعد محلكم؟؟
إن كثيرين مازالوا يتلمظون للتغيير بطريقة الإعرابي، والقرآن يرى ببساطة أن مفتاح التغيير ليس بتغيير الحاكم أو السلطة بل بتغيير ما بالنفوس (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وهذا أمر يتطلب المزيد من التوضيح.
العنف يحمل حزمة من الأمراض المفزعة فهو أولاً لا يحل المشكلات بل يولدها ويزيدها تعقيداً في حلقة شيطانية مفرغة عكوسة تزداد اتساعاً وضراوة، والعنف لا يحرر الإنسان بل يأسره لعبودية القوة، والعنف ثالثاً يعتمد الجهاز العضلي ويلغي الجهاز العصبي العقلي، وبالعنف لا يمكن بناء أي ديمقراطية، والعنف وصل إلى نفق مسدود ويودعه العالم اليوم كأسلوب فاشل، واللاعنف هو أسلوب الأنبياء في صناعة المجتمع، فهذه ستة أفكار تأسيسية مفصلية.
يطرح القرآن فلسفة متفردة تشق الطريق إلى نظرية كوبرنيكوس اجتماعية فالظلم الذي يقع على الإنسان هو بالدرجة الأولى بما (كسبت يداه) فلا الله يظلم الناس ولا أحد يظلمهم ولا الشيطان له عليهم سلطان بل أنفسهم يظلمون، وهذا يقود إلى مفتاح اجتماعي أكثر أهمية أن عبادة الحكام وتأليههم هي من صناعة الشعوب وخرس المثقفين أكثر من سحر سدنة معبدة الحاكم فعند صنمه البخور يحرقون؟
إذا كان كوبرنيكوس قد وصل إلى قلب مفهوم دوران الشمس والأرض بمفهوم عكوس فإن فكرة جدلية (الأمة والسلطان) من هذا النوع بأن الأمة شمس والحاكم كوكب أكثر من تحرريه توجه الجهد إلى الحراثة في الحقل الخصب بتغيير نظام الفكر، والتخلص من أسر فكرة الحكم والسياسة، ليس لأن هذا أريح- وهو أريح على كل حال من مناطحة الجدران والتصدي لخرقة مصارع الثيران_ ولكن كل الخطر وبعثرة الجهد هو الدوران في كهوف مظلمة عن مفتاح يرى كل الحل بالوصفة السحرية بتغيير الحاكم أو السلطة وأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
ويعطينا التاريخ شواهد فاقعة على هذا المنطق الأحمق غير المجدي الذي سقطت الأمة في قاع بئره في قصة يوسف جديدة بدون سيارة تنقذه وبدون أمل في النجاة حتى جاء الحل من خلف أعمدة هرقل من بحر الظلمات؟! فعندما استأصل العباسيون الأمويين فلم يتركوا على ظهرها أموياً بمن فيهم الرضع، ونبشوا قبور الخلفاء وهي رميم فجلدوهم، وفرشوا السجاد على جثث المحتضرين وهم يأكلون ويطربون لم يتقدموا بحل المشكلة إلا بإلغاء كل الحلول؟ ولم يخرج من بينهم عمر بن عبد العزيز؛ بل خلفاء سمل العسكريون الأتراك عيونهم وتركوهم يموتون في حر الشمس، ليختم فصل مسرحيتهم بأفظع منظر عندما يخرج خليفة حاسر الرأس سمين يقابل جزار من حجم هولاكو يناشده الله في الحريم، وينهي حياته في كيس مربوط ترفسه أقدام المغول حتى الموت، وتدك بغداد إلى الأرض السابعة في ظل رعب مغولي لا يزال برج في مفاصلنا التاريخية، وعندما فتح السلطان العثماني القسطنطينية كان يدشن أعجب أمرين أحفلهما بالخطأ، فقتل أخاه الرضيع بفتوى دينية من شيخ الإسلام وبآية من القرآن وكانت عرفاً يجري؛ فقتل مراد الخامس خمسة من اخوته دفعة واحدة مع توليه السلطة؟ وكان أول ما يفعله الخليفة أن يقتل جميع إخوته حتى لا تكون (فتنة) و (الفتنة أشد من القتل) فيجب أن يستشري القتل في العائلة المالكة قبل الأمة ؟! في فهم منكوس ممسوخ لكلمة الله في السبع المثاني من القرآن العظيم، والخطأ الأخر بتحويل كنيسة (أياصوفيا) إلى مسجد متنكراً لعمل ابن الخطاب الذي رفض الصلاة في كنيسة القيامة حتى لا تكون مبرراً لتحويلها إلى مسجد.
يعتمد العنف من الناحية السيكولوجية كسر وإلغاء الأخر وطحن إرادة الخصم لتبقى في نهاية الصراع إرادة واحدة في الميدان، واللاعنف يحافظ على الطرفين ليخرجا بإرادة واحدة مشتركة.
يولد العنف ويستنبت من حوض (الكراهية) كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار، مهما علت فروعها في السماء؛ بسبب ضعف الجذور، لتسقط في النهاية تحت ثقلها الخاص بعطالة ذاتية.
جذور العنف الكراهية وثمرتها الخوف والجريمة، وفي مذبحة مدرسة (ليتلتون) في ولاية كولورادو الأمريكية عرف عن الشاب الذي قتل 11 من زملاءه واثنين من المدرسين أنه كان يكره الناس، وعندما فجر رأس الزنجي بالطلقة فاندلق الدماغ ضحك مع رفيقه ساخراً معلقاً: ولكنه يحمل دماغاً أبيضاً!
لنحلل المشكلة أكثر هل إذا حطمنا الآخر- والحرب تعتبر التجلي الأعظم لظاهرة العنف- هل نحل المشكلة أو نتقدم باتجاه الحل؟
في الواقع إن الغالب والمغلوب يخرجان في نهاية المعركة باختلال نفسي مرضي غير سوي يتطلب آليات موازنة جديدة بفعل قوانين طبيعية بحتة.
يخرج الغالب بشعورين: متعة (جانكيزخان) العظمى المريضة بالتحطيم الأعظم للخصم، مع الخوف من انتقام المهزوم جنباً إلى جنب، فعندما سأل (جنكيزخان) أحد أدوات إجرامه المدعو (بو أورشو) كما جاء في كتاب (رينيه غروسيه) عن قاهر العالم، ما هي أعظم فرحة ينعم بها الإنسان في حياته؟ أجاب: أن تذهب للصيد في يوم ربيع يعلو معصمك باز معلم وأنت ممتط ظهر جواد مطهم والطريدة تسقط أمامك!! أجاب الجبار جنكيزخان: (كلا يا صديقي بل هي أن تنزل الهزيمة بأعدائك وتسوقهم أمامك كالقطيع يذرف ذووهم الدمع عليهم جزافاً وأن تركب خيولهم وتسحق بناتهم وزوجاتهم؟!)
ولكن جدلية المغلوب تفرض عليه أن يستعد للمعركة المقبلة لاستعادة توازنه النفسي بأدوات أشد ضراوة وأمضى، وكما يقول المؤرخ توينبي أن وتيرة الحرب في التاريخ كانت على شكل جولات كل جرعة منها تلاها ما هو أشد هولاً وأعظم نكرا، حتى وصل الإنسان إلى امتلاك سقف القوة بالسلاح النووي وهذا الحديث سنرجع له لاحقاً.
العنف والعنف المضاد حلقة معيبة ليس لها نهاية وهي كالنار التي تأكل بعضها بعضاً، والسلام شجرة مباركة تؤتي أوكلها كل حين بأذن ربها جذورها الحب وثمرتها الأمن فلا أعظم من (أمن) السلام وهو ما عبر عن إبراهيم ( وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به سلطاناً فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون).
طرح الأستاذ جودت سعيد عام 1965 كتاباً إلى السوق بعنوان "مذهب ابن آدم الأول" يهدف فيه إلى (الإعلان وليس الإقناع) فاتهمه الكثير أنه مفسد للفكر الإسلامي أو أنه عميل للسلطة؛ لأنه رأى أن تغير الواقع الاجتماعي لا يتم بالعنف والاغتيالات وقتل الحكام وتدبير الانقلابات العسكرية فالوضع (اللاشرعي) لا يزال بـ (اللاشرعية) ولا يقضي على الخوارج بخوارج جدد، بل بالتزام اللاعنف ومن طرف واحد، كما فعل ابن آدم الأول: (لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين)...
ضحك الكثيرون من جودت سعيد واعتبروه في أحسن الأحوال ساذجاً مغفلا ووصفه أحدهم أنه لا يزيد عن (درويش) ينقصه الوعي، ولكن الأمة لو انتبهت إلى هذا الفكر الإختراقي المبكر السابق لأوانه لحقنت الكثير من الدماء؟! وهذا يشي وبسخرية معنى أن فرداً يوزن أحيانا بعقله ما هو أثقل من حماس قبيلة!!
وهوجم أخيرا بكتاب كامل وصف تحت عنوان (النزعة المادية) في الإسلام بأنه (غاندوي ماسوني معتزلي باطني جهمي قدري دارويني يدعو إلى الزندقة ولإلحاد) وأكرمني الكاتب بأن (خالص جلبي) أعمى الله قلبه (كذا؟) حين شبه الشيوعيين بآية قرآنية في اللحظات الصعبة عندما حوصر البلاشفة الحمر بطوق عسكري آسر من الروس البيض؛ بأنهم عانوا لحظات نفسية رهيبة (عندما جاءوهم من فوقهم ومن تحت أرجلهم وزاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وزلزلوا زلزالا شديدا) كما يصف القرآن وضع حصار الخندق في مقارنة نفسية لكل مجموعة بشرية تطوق حتى الخناق.
Sujets similaires
» Problématique de la violence dans le Coran - Partie 6
» Problématique de la violence dans le Coran - Partie 7
» Problématique de la violence dans le Coran - Partie 8
» Problématique de la violence dans le Coran - Partie 9
» Problématique de la violence dans le Coran - Partie 10
» Problématique de la violence dans le Coran - Partie 7
» Problématique de la violence dans le Coran - Partie 8
» Problématique de la violence dans le Coran - Partie 9
» Problématique de la violence dans le Coran - Partie 10
Page 1 sur 1
Permission de ce forum:
Vous ne pouvez pas répondre aux sujets dans ce forum